فن

الفنان جمال عبد الناصر يحتفل بمولد النبي: لحظة إيمانية تتجاوز الفن وتحتضن الروح المصرية

 

 

في أجواء مميزة يغمرها عبق الذكرى ودفء الروحانية، احتفل النجم المصري جمال عبد الناصر بمناسبة المولد النبوي الشريف، ليؤكد مرة جديدة أن الفنان لا ينفصل عن نسيج وطنه ولا يبتعد عن مشاعر جمهوره، بل يظل دائمًا حاضرًا في المناسبات الدينية والاجتماعية الكبرى، مستمدًا منها طاقة خاصة تعكس جانبًا آخر من شخصيته، جانبًا تتجلى فيه البساطة والصدق والإيمان العميق بقيمة الروح والرسالة، في لحظة جمعت بين الفن والوجدان، وبين الإنسان وما يحمله من وفاء لرمز الإنسانية الأول، النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 

جمال عبد الناصر في هذه المناسبة لم يكتفِ بمجرد التواجد أو مشاركة صور، بل حمل في حضوره دلالة أعمق، إذ بدا كأنه يعيش حالة من التأمل والتذكر، حالة يستعيد فيها صورًا من طفولته حين كان يسمع الأناشيد والابتهالات في الشوارع والحارات المصرية التي كانت تتزين بالفوانيس والأنوار والموائد العامرة بالحلوى، حيث يختلط صوت المسحراتي القديم مع أصوات المداحين الذين يملؤون الأجواء بمديح المصطفى، وحيث ينغرس في الوجدان ذلك الإحساس الجمعي الذي لا يشيخ ولا يزول، إحساس أن مصر في مثل هذه الأيام تتحول إلى بيت كبير يجتمع فيه الكل على كلمة واحدة: الحب والبركة والوفاء للنبي.

 

الاحتفال الذي شارك فيه جمال عبد الناصر لم يكن مجرد مظهر خارجي أو مناسبة عابرة، بل كان انعكاسًا لروح الفنان الذي يفهم أن الفن رسالة لا تنفصل عن الدين ولا عن الهوية، فالمولد النبوي بالنسبة له لم يكن مجرد ذكرى تاريخية، بل كان معنى متجددًا يدعو فيه الناس إلى التمسك بالقيم العليا التي جاء بها الرسول الكريم، من صدق وعدل ورحمة وتسامح، وهي القيم نفسها التي يسعى عبد الناصر إلى تجسيدها في حياته وأعماله، سواء على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا أو في حياته الخاصة بين جمهوره وأحبته.

 

وفي الوقت الذي يحاول فيه البعض حصر الاحتفالات الدينية في مظاهر شكلية، جاء جمال عبد الناصر ليقدم صورة مغايرة، صورة الفنان الذي يربط بين الأصالة والمعاصرة، بين الحنين للماضي وبين نظرة المستقبل، إذ تحدث عن فرحته بهذا اليوم باعتباره يومًا تتجدد فيه الروح وتتطهر فيه القلوب، مؤكدًا أن المولد النبوي ليس مناسبة للتراخي أو الاكتفاء بالحلوى فقط، وإنما فرصة لتجديد العهد مع النفس والتمسك بالقدوة النبوية في كل تفاصيل الحياة اليومية.

 

ومن اللافت أن جمهوره تفاعل بقوة مع هذه اللفتة الإنسانية منه، فقد اعتبر الكثيرون أن احتفال عبد الناصر بالمولد النبوي أضاف بُعدًا جديدًا لعلاقته بجمهوره، علاقة تقوم على المشاركة في اللحظات الكبرى التي تهم الجميع، فلا يظل الفنان بعيدًا في برجه العاجي، بل ينزل إلى أرض الناس ليشاركهم فرحتهم وأجواءهم الروحانية، وهو ما جعل كثيرين يعبرون عن سعادتهم بأن نجمًا بمكانته يعطي مثالًا راقيًا للفنان الذي يجمع بين نجوميته وإيمانه، وبين فنه وإنسانيته.

 

كما يمكن القول إن هذا الاحتفال حمل في طياته رسالة ضمنية بأن الفن لا ينفصل عن المجتمع ولا يعيش بمعزل عن بيئته، وأن الفنان الحقيقي هو من يستطيع أن يمزج بين ما يقدمه من أعمال فنية وبين ما يعيشه من طقوس إنسانية وروحانية، تمامًا كما فعل جمال عبد الناصر حين أضاء هذه المناسبة بحضوره وبتعليقاته المؤثرة التي لامست وجدان الكثيرين، وأكدت أن مصر بفنها ونجومها ما زالت تحفظ تقاليدها وتقدس رموزها الروحية.

 

وهكذا، فإن احتفال النجم المصري جمال عبد الناصر بمولد النبي لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان مناسبة تحمل معاني متعددة، معاني الحب والانتماء والوفاء لرسالة النبي، ومعاني التلاحم بين الفنان وجمهوره، ومعاني التأكيد على أن الفن والروح والدين جميعها دوائر متكاملة، حين تتلاقى تنتج صورة مشرقة عن مصر التي تعرف كيف تفرح وكيف تتذكر وكيف تجدد العهد مع قيمها وأصالتها في كل مناسبة عظيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى